البيئة والتغيرات المناخية محط اهتمام الجميع، دولاً كانت أو أفراداً، في ظل التهديدات المستمرة والقلق العالمي المتزايد من الظواهر الجوية المتطرفة، والتأثيرات السلبية لتغير المناخ، ومخاطرها على كوكب الأرض وحياة البشر في شتى أرجاء المعمورة. وفي ضوء المواجهة، أضحى على وسائل الإعلام التقليدية والجديدة القيامُ بدور فعّال في دعم مسار العمل المناخي، وتعزيز الوعي العام بالتحديات والإجراءات اللازمة في المكافحة المناخية.

وبإمكان الإعلام تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية العمل المناخي من خلال تسليط الضوء على الملفات البيئية الحيوية، فالمشكلات والأزمات والكوارث أصبحت واقعاً نعيشه يوميّاً في مكان مّا بالعالم، والتداعيات يدركها ويلحظها الجميع، من ارتفاعات درجات الحرارة والأمطار والأعاصير وغيرها، لذا ينبغي أن يقوم «الإعلام البيئي» بتعزيز الوعي ونقل المعرفة البيئية، وتنبيه المواطن بخطورة العبث بعناصر البيئة، وحثه على التفاعل الإيجابي في نشر القيم الخاصة بحماية البيئة، والتخلي عن السلوكيات الضارة، ما يحسّن الاستجابة الوطنية والدولية.

والإعلام البيئي هنا لا نقصد به إعلاماً منفصلاً في الدور والهدف، وإنما القصد منه أن تكون البيئة في صلب أولويات رسالته وأهدافه الإعلامية، وهذا يتطلب بدوره تنمية الوعي لدى الإعلاميين وتطوير معارفهم في هذا المجال الحيوي. ومع قدرة وسائل الإعلام على صياغة خطاب توعوي حول تغير المناخ، بحشد الدعم المجتمعي العام للتخفيف من حدة المناخ، والمساهمة في تقليل انبعاث غازات الدفيئة التي تعمل على ارتفاع درجة حرارة كوكبنا، يواجه «الإعلام البيئي» تحديات تتعلق بانتشار المعلومات المناخية المضللة، ما يزيد الاستقطاب حول التغير المناخي، ويؤثر على السياسة المناخية، وسرعة المواجهة، ومن هنا يجب نشر الوعي بالتداعيات المناخية على واقعنا، وتقديم المعلومات الموثوقة، وتسليط الضوء على تداعيات ذلك كله على صحة الإنسان، في حال عدم التعاون الدولي بشكل كافٍ في التصدي لتغير المناخ وتبنّي سلوكيات وممارسات مستدامة.

وفي سبيل صياغة الرؤى والخطط الإعلامية البيئية، ونحن على مشارف اجتماع قادة العالم في مؤتمر المناخ «كوب28»، بمدينة إكسبو دبي، لمناقشة مستقبل كوكبنا المناخي، انعقدت الدورة الثانية من «الكونجرس العالمي للإعلام 2023»، في أبوظبي، بمشاركة وكالات الأنباء العالمية والمؤسسات الإعلامية الدولية، لتناول دور الإعلام في دعم القضايا الكبرى في العالم، وبالتحديد المناخ، والتقدم التقني في صناعة المحتوى البيئي، وكيفية الوصول إلى الجمهور المستهدف للتوعية بقضايا المناخ والتكنولوجيا النظيفة والابتكارات التي تسهم في تعزيز الاستدامة، وتقديم النماذج الناجحة الملهمة للإنسان في المكافحة المناخية من أفراد ومؤسسات.

ولا يمكن التقليل من دور وسائل الإعلام في قضايا المناخ، فهي المورد الرئيسي للمعلومات، ويعدّ دورها جزءاً أساسياً من أي خطة مواجهة مناخية. ونظراً لأن المجال الإعلامي تهيمن عليه الخوارزميات وتقنيات وصول الجمهور، فمن المهم فهم هذه التقنيات، لجذب انتباه الجمهور، واستمرار إبراز القضية كأولوية أمام الشباب في دول العالم.

يعد الإعلام شريكاً حيويّاً في دعم العمل المناخي من خلال نشر الوعي، وتأثيره على صناعة القرار، وتسليط الضوء على التقنيات البيئية النظيفة، وتعزيز المشاركة المجتمعية في المواجهة، ومن خلال التعاون بين الإعلام والمجتمع ومؤسسات الدول، يمكننا تحقيق تغيير إيجابي وبناء مستقبل مستدام للأجيال القادمة.

*مدير مكتب الاتصال الإعلامي - مركز تريندز للبحوث والاستشارات